March 21, 2014
اجري المحرر السياسي لجريدة ” الشرق ” القطرية، السيد طه حسين، نص الحوار التالي في الدوحة مع الدكتور أحمد حسن دحلي، بمناسبة زيارة فخامة الرئيس اسياس افورقي لدولة قطر.
نفى عضو الوفد الرئاسي الارتري د. أحمد حسن دحلي أي تواجد لإسرائيل أو إيران في الجزر الإرترية، مؤكداً أن هناك إستراتيجية لبعض الدول تسعى لـ”شيطنة” إرتريا والدولة الوحيدة التي لها استثمارات في جزر دهلك هي قطر.
وشدد د. دحلي في حوار مع ” الشرق ” في ختام زيارة الرئيس إسياس افورقي للدوحة على حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع دولة قطر، مؤكدا أنها علاقة إستراتيجية تشمل مختلف الجوانب، حيث كانت زيارة الرئيس أفورقي الذي غادر الدوحة أمس فرصة لتبادل الأفكار والقضايا الثنائية الإقليمية والدولية.
ونفى أن تكون الزيارة تطرقت إلى طلب وساطة قطر بين إرتريا وإثيوبيا بخصوص النزاع الحدودي بين البلدين، مؤكداً أن هذا النزاع غير قابل للوساطة وأن ما تطالب به إرتريا هو تنفيذ قرار مفوضية ترسيم الحدود واحترام قرار مجلس الأمن والقانون الدولي واحترام الحدود وفق الاتفاقيات الموجودة والموروثة عن الاستعمار.
وأكد أن خيارات دولة إرتريا الإستراتيجية تقوم على عدم تدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة والندية في التعامل مع كل القوى والدول الإقليمية والدولية. كما تولي وحدة وسيادة أراضيها أهمية قصوى.
وحول الاستثمارات القطرية في إرتريا، وانعكاسات زيارة الرئيس الإرتري على التعاون الاقتصادي بين البلدين نوّه د. دحلي بالاستمرارية التي تتصف بها علاقات البلدين من حيث تبادل الزيارات والتشاور في القضايا المختلفة، وتابع: “وفدنا التقى بسمو الأمير، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، وتناولنا العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية. وهذا بالطبع ليس بالشيء الجديد، فقد كان موجوداً سابقاً ومازال موجوداً حالياً، نظراً إلى العلاقة الإستراتيجية والتعاون المشترك بين البلدين”.
ورفض د.دحلي وصف الاقتصاد الإرتري بأنه منهك، مؤكداً أن بلاده تمكنت – بالرغم من كل الظروف التي مرت بها – من بناء أسس قوية، ليست آنية وإنما تعود بالنفع على الأجيال القادمة أيضاً.
وشدد على أن دولة ارتريا توظف الإمكانيات التي تتمتع بها البلاد توظيفاً مناسباً على كل الصعد، قائلأً: “تمتلك إرتريا مقومات اقتصادية قوية جداً، فقد كانت في الفترة ما بين الحربين الأولى والثانية من أقوى الدول الأفريقية، وكانت تصدر مواردها إلى أوروبا. وان الأراضي الإرترية أراضٍ زراعية خصبة، والمياه متوفرة لدينا، وعندنا أنهار داخلية واقليمية كنهر سيتيت وهو رافد من روافد النيل، كما تمتلك إرتريا 321 جزيرة، ويمتد الساحل الإرتري مسافة 1200 كيلو متراً، والثروة السمكية هائلة في السواحل الإرترية. وتتمتع ارتريا بمقومات سياحية هائلة وجذابة، فعلاوة على المواقع الأثرية التاريخية في ربوع البلاد، لدينا جزر خلابة يأتي في مقدمتها أرخبيل دهلك المؤلف من 127 جزيرة. والى ذلك لدى ارتريا مخزون كبير من مختلف المعادن النفيسة كالذهب والحديد والماغنيسيوم، والشركات الغربية والشرقية تتنافس للحصول على حق التنقيب في إرتريا”.
ونوه د. أحمد حسن دحلي إلى أن إرتريا، ذلك البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه الخمسة ملايين نسمة، يتمتع بإمكانيات هائلة، ويعتمد سياسة الاعتماد على الذات البعيدة عن الاتكالية، وعلى اليد العاملة الإرترية الفاعلة والبناءة والمبتكرة، مبينا أنها تعتمد على عمالها في بناء الجسور والطرق والمطارات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قدر الإمكان.
ووصف العلاقات بين إرتريا والعالم العربي، بأنها ممتازة وقوية، مؤكداً أن بلاده حريصة على هذه العلاقات وتعتبرها من أولويات سياستها الخارجية، حيث بنيات سياستها وفق تصور صاغه موقع إرتريا الجغرافي، ومجاورتها لدول حوض البحر الأحمر، ودول حوض وادي النيل، ودول الخليج وبالتالي تحتم هذه السياسة أن تكون العلاقات بين إرتريا والعالم العربي إستراتيجية وطيدة.
وقال: “إرتريا لم ولن تشكل أي تهديد للأمن العربي فهو جزء من أمننا والعملية تكاملية، فإرتريا ليست جزيرة معزولة، بل هناك تواصل بيننا. وسياستنا تهدف إلى إرساء أسس هذا التواصل”. ورأى أنه من الأجدر أن تتولى كل الدول المطلة على البحر الأحمر حماية البحر الأحمر، لأنها مؤهلة لذلك أكثر من غيرها، حيث عبر عن ذلك بقوله: “لا يمكن للسفن الأمريكية والفرنسية والبريطانية أن تحمي البحر الأحمر، فمصر عندها قوة بحرية ونحن لدينا قواتنا التي لها خبرتها وتجربتها ، وبالتالي فإن دول البحر الأحمر مؤهلة وقادرة على حمايته أكثر من هذه الدول التي افتعلت الأزمة، والتي لها حسابات لتتواجد في تلك الأزمة، فمسألة القرصنة على سبيل المثال تم افتعالها. نحن لا نحتاج إلى مجيء قوى أجنبية لحماية البحر الأحمر، فنحن أقدر على ذلك منها”.
وشدد على حرص إرتريا على الحفاظ على الوحدة اليمنية، إذ بذلت جُل جهودها في سبيل الحفاظ عليها قبل اندلاع شرارة الحرب الأهلية المدمرة، وذلك انطلاقاً من اهتمامها بالمصلحة اليمنية وبالمصالح المشتركة التي تعود بالنفع على الجانبين.
لا قواعد أجنبية بإرتريا
وأكد أن إرتريا لا تسمح بقيام القواعد الأجنبية سواء كانت برية أو بحرية أو جوية فوق أي شبر من ترابها الوطني ومن مياها الإقليمية، مضيفا وأن الحديث عن وجود قواعد بحرية إسرائيلية، وتارة عن قواعد بحرية إيرانية، ومرة عن قواعد إسرائيلية وإيرانية في الجزر الاريترية الواقعة على طول امتداد الساحل الارتري في البحر الأحمر، لايعدو أن يكون إلا مجرد ثرثرة فوق البحر الأحمر، معربا عن أسفه من صدور هذه الثرثرة من شخصيات استخباراتية قال إنها يفترض أن تكون عند مستوى مناصبها الحساسة، وأن دولة إرتريا لا تزج نفسها في مثل هكذا سيناريوهات التي ينسجها من العدم، الخيال الخصب للعناصر ذات الخلفية الأمنية.
وقال إن إرتريا وبقدر حرصها على عدم فرض أرائها وقراراتها على الآخرين فإنها وبالمقابل لا تقبل أن يفرض عليها الآخرون آراءهم وقراراتهم، وإن بلاده تريد العيش بسلام ووئام واحترام لسيادتها ولسيادة الدول الأخرى على حد السواء. وأكد إن لدى إرتريا قناعة مبدئية راسخة بان مصالح الشعوب تتضافر وتتكامل ولا تتعارض ولا تتناقض كما إنها، أي دولة ارتريا لا تؤمن بسياسات المحاور ولا تدخل فيها ولا توجد لديها أجندة تشكيل محور، ولكنها وبالمقابل تقيم العلاقات المتعددة الأبعاد مع سائر دول العالم من دون أدنى استثناء ولا تشكل تهديدا لأي دولة أخرى في أرجاء المعمورة وهي تريد أن تعيش في أمن وسلام واستقرار وتعاون وتضافر وتكامل مع كل دول العالم وفي مقدمتها جيرانها.
وشدد على إن السياسة الإرترية إبان الثورة والدولة واحدة وتقوم على مبدأ الاعتماد على الذات وتوظيف كل الإمكانات الداخلية بما يتيح المجال
للمواطن الإرتري للإبداع وتأكيد الإنتماء للوطن.
وقال إن الضغوطات الخارجية على إرتريا فشلت في عرقلة أو إضعاف إرتريا فشلت في عرقلة أو إضعاف الثورة الإرترية التي أنصهر فيها المجتمع الإرتري، وشكل وحدة متجانسة تحمل التعددية كعامل من عوامل إثراء الشخصية الإرترية. مضيفاً أن الوحدة الوطنية هي أساس لبناء الدولة وتعززت لتشكل القاعدة الأساسية لبناء إرتريا الحديثة. وتحدث عن الدور الإقليمي الذي بذلته إرتريا لإحتواء الأزمات ومنها ألازمة الصومالية و الأزمة الأثيوبية والأزمة اليمنية والأزمة السودانية والسعي إلى إيجاد حل لمشكلة السودان في إطار الحرص على السودان والواحد والموحد.
إفتعال أزمات:
وأعرب عن أسفه من وجود مساع تبذل من جانب أطراف تسعى لإفتعال ازمات وأحداث لا توجد إلا في مخيلة هذه القوى، مضيفاً أن إرتريا تعرضت لأزمات مع عدد من دول الجوار وأخرها الجارة إثيوبيا قائلاً إنها هي التي إفتعلت قضية الحدود كما تم فرض عقوبات على ارتريا من قبل مجلس الأمن عبر أحداث مفتعلة بذلت فيها الولايات المتحدة الأمريكية قصارى جهدها لتمرير قرار يدين إرتريا لا يستند إلى أي أساس قانوني تحت ذريعة دعم إرتريا لحركة الشباب الصومالية، بينما كانت إرتريا ولا تزال تبذل كل جهدها للحفاظ على وحدة وسيادة الصومال.
وتوقف عند علاقة إرتريا والصومال موضحاً أن الصومال كان البلد الوحيد الذي أيد ودعم الثورة الإرترية منذ بدايتها وحتى الإستقلال الذي تزامن وللأسف الشديد مع إنهيار الصومال، مشدداً على أن رؤية إرتريا تقوم على إحتواء الأزمة إنطلاقاً من قدرة الصوماليين على حل مشاكلهم بأنفسهم، وإنتهجت دولة ارتريا سياسة ترمي إلى جمع الفئات المتناحرة في بوتقة واحدة لحل إشكالاتها، ولكن للأسف تم إمطار الصومال بوابل من المبادرات، وكان للولايات المتحدة دور في تأزيمها، ومن مفارقات الأمور قامت الإدارة الأمريكية لكنه بتحميل إرتريا المسؤولية وشيطنتها.
إتهامات بلا دليل
وأكد د. أحمد حسن دحلي أن الحقائق توثق عدم وجود أي جندي إرتري في الصومال خلافاً للتقارير التي بني عليها قرار مجلس الأمن بوجود ألفين عسكري إرتري هناك، كما إتهمت أمريكا إرتريا بتزويد الصوماليين بالسلاح وهو أمر ينافي الحقيقة حيث تتواجد القوات الدولية في المنطقة بحجة ” محاربة القرصنة ” مما يستحيل معه عملياً إبحار السفن الإرترية لتفريغ شحنات أسلحة في الموانئ الصومالية فضلاً عن إستحالة نقل الأسلحة للصوماليين بالطائرات، ولم يتم تقديم أي دليل مادي وملموس على قيام إرتريا بدعم حركة الشباب الصومالية بالأسلحة.
وقال إن إتهام إرتريا بإستضافة معارضين ليس في محله وأن المعارضة التي إستضافتها هي ا لمعارضة السودانية بهدف حل الأزمة بينها وبين الحكومة السودانية في إطار الحفاظ على وحدة السودان ، موضحاً أن الأحزاب السودانية التي استضافتها ارتريا عندما ضاق بها السودان بما رحب، كانت قوى أساسية وليس مجرد فصائل، وأن إحتضانها جاء رداً للجميل بإحتضان السودان للثورة الإرترية، وأن التاريخ يذكر أن لقاء الرئيس عمر أحمد البشير وزعيم التجمع الوطني الديمقراطي السوداني محمد عثمان الميرغني تم بوساطة إرترية. وبذلت دولة ارتريا جهودا دبلوماسية حثيثة لحل مشاكل السودان من قبل السودانيين أنفسهم وفي إطار السودان الواحد والموحد. ويذكر التاريخ بأن ارتريا سعت لحل قضية جنوب السودان في سياق السودان الموحد، وكان خيار الوحدة أولوية لدى إرتريا بعيداً عن السودان المنقسم، في مواجهة أطراف عملت بجهد جهيد من أجل تقسيم السودان وإغراقه في أزماته.
وتحدث عن محاولات جرت من دول مجاورة لإغراق إرتريا في أزمات داخلية إقتصادية وإجتماعية وصولاً إلى إعلان فشل الدولة وإستباحتها، لكنها خطوات أجهضتها إرتريا وأفشلت هذا السيناريو.